تابع الاصحاح الرابع
صفحة 1 من اصل 1
تابع الاصحاح الرابع
خامسًا: ارتباط الصوم بالتجربة
بدأت الحرب مع بدء الصوم الأربعيني كقول الإنجيلي لوقا: "كان يُقتاد بالروح في البرّيّة أربعين يومًا يُجَرَّب من إبليس" (لو 4: 1-2). وقد اشتدّت عندما جاع، فكان الجوع بمثابة استدراج الشيطان لمنازلته، وفي نفس الوقت كان الصوم هو السلاح الذي يقدّمه السيّد لمؤمنيه لكي يتذرّعوا به أثناء الحرب الروحيّة ممتزجًا بالصلاة. لم يكن السيّد محتاجًا للصوم، إذ لم يكن يوجد فيه موضع للخطيّة، إنّما صام ليقدّس أصوامنا بصومه، مشجعًا إيّانا عليه كالأم التي تتذوّق الدواء أمام طفلها المريض حتى يشرب منه.
v في جوعه (المسيح) اقترب إليه؛ ليعلّمك ما هي عظمة الصوم، وكيف أنه أقوى درع ضدّ الشيطان. لهذا يلزم بعد الجرن (جرن المعموديّة) أن يصعدوا لا إلى حياة الترف والشرب والمائدة الممتلئة، بل إلى الصوم. لقد صام لا عن احتياج وإنما لتعليمنا... فإنه بدون ضبط البطن طُرد آدم من الفردوس، وحدث الطوفان في أيام نوح وحلّت الرعود بسدوم. فمع ارتكابهم الزنا جاء التحذير يخصّ ضبط البطن. هذا ما عناه حزقيال بقوله: "هذا كان إثم سدوم الكبرياء والشبع من الخبز ووفرة الترف" (حز 16: 49). هكذا تعمق اليهود أيضًا في الشرّ العظيم بانسحابهم إلى المعصية خلال شربهم وترفهم (إش 5: 11ـ12).
القدّيس يوحنا الذهبي الفم
v عندما يوجد صراع متزايد من المجرّب يلزمنا أن نصوم، حتى يقوم الجسد بالواجب المسيحي في حربه ضدّ (شهوات) العالم، بالتوبة وحث النفس على النصرة في تواضع!
القدّيس أغسطينوس
ويقول الآب هيلاري أسقف بواتييه: [جاع بعد أربعين يومًا... لا بمعنى أنه هُزم من أثر الزهد، وإنما خضوعًا لقانون ناسوته.]
لقد صام السيّد أربعين يومًا، والكنيسة أيضًا تقدّس هذا الصوم الأربعينيّ بكونه قد تقدّس بالسيّد نفسه، وتُقدّم موضوع "التجربة" في بداية قراءات الصوم لتُعلن لأولادها أنه حيث يوجد جهاد تقوم الحرب، وحيث توجد الحرب يلزم الجهاد الروحي بالصوم والصلاة.
لماذا جاع السيّد في نهاية الأربعين يومًا؟ تأكيدًا لناسوته، فلو أنه صام أكثر من موسى (خر 24: 18) وإيليّا (1 مل 19: لحسبوه خيالاً، لا يحمل جسدًا حقيقيًا مثلنا. وقد جاع لكي يعطي الفرصة لتجديد الحرب مع الشيطان، إذ يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [يئس إبليس عندما رأى المسيح صائمًا أربعين يومًا، لكنّه إذ رآه جائعًا بدأ الأمل يدب فيه من جديد، وعندئذ تقدّم إليه المجرّب.]
أما رقم 40 فيحمل معنى رمزيًا، فيرى القدّيس أغسطينوس أن رقم 40 يحوى رقم "عشرة" أربع مرّات، ولما كان رقم 10 يُشير إلى كمال تطويبنا أو إلى المعرفة و"أربعة" تُشير إلى الزمن، فإن رقم 40 يُشير إلى كمال زماننا في حياة مطوّبة أو في حياة مملوءة معرفة.
رقم 4 يُشير إلى الزمن لأن دوران السنة يحوي أربعة فصول زمنيّة (صيف وشتاء وخريف وربيع)، ودوران اليوم يحوي أربع فترات زمنيّة (باكر والظهيرة وعشية والليل).
رقم 10 يُشير إلى كمال المعرفة والتطويب لأنه يضم معرفة الخالق (3) أي الثالوث القدّوس بجانب خلقه الإنسان (رقم 7= النفس على مثال الثالوث + الجسد من العالم: أربعة أركان العالم).
10 (كمال المعرفة) = 3 (معرفة الله) + 7 (معرفة الإنسان الكاملة).
هذا وصوم السيّد المسيح أربعين يومًا يُشير إلى التزامنا بالزهد كل أيام غربتنا، لكي نحيا في حياة مطوّبة كاملة، وتكون لنا معرفة صادقة من نحو الله وخليقته.
ويقدّم لنا الآب غريغوريوس (الكبير) تفسيرًا آخر لرقم 40، إذ يقول: [هذا الجسد المائت يتكوّن من أربعة عناصر، ولما كنّا خلال هذا الجسد عينه نخضع لوصايا الله ووصايا الناموس التي أعطيت لنا خلال الوصايا العشرة، فإنّنا خلال شهوات الجسد احتقرنا الوصايا العشرة، فمن العدل أن نؤدب ذات الجسد أربع مرّات عشر مرّات.]
سادسًا: التجربة الأولى أي تجربة الخبز
"فتقدّم إليه المجرِّب وقال له:
إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزًا.
فأجاب وقال: مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان،
بل بكل كلمة تخرج من فم الله" [3-4].
لعلّ الشيطان قد صار في حيرة إذ رأى ذاك الذي قال عنه الآب السماوي: "هذا هو ابني الحبيب" أثناء العماد، يجوع! فتشكّك في أمره، لهذا في كل تجربة كان يودّ أن يتأكّد من بنوّته لله، قائلاً: "إن كنت ابن الله" وكما يقول القدّيس جيروم: [يقصد إبليس بكل هذه التجارب أن يعرف إن كان هو بحق ابن الله، ولكن المخلّص كان مدققًا في إجابته، تاركًا إيّاه في شك.] ولعلّه أراد أن يستخدم ذات السلاح الذي يهاجم به البشريّة، سلاح التشكيك في أُبوّة الله لنا ورعايته وعنايته بنا... أمّا سلاح السيّد المضاد فهو كلمة الله. إذ كان في كل تجربة يستند على الكلمة الإلهيّة المكتوبة بقوله: "مكتوب..."، وهو بهذا يحملنا إليه ككلمة الله المتجسّد لنختفي فيه، ونتمسّك بالكلمة المكتوبة التي بها ندين الشيطان نفسه، كقول الرسول: "ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة؟" (1 كو 6: 3)
كانت التجربة الأولى هي تجربة الخبز، أو تجربة البطن، لكن النفس الشبعانة تدوس العسل، فلا يستطيع العدوّ أن يجد له في داخلنا موضعًا مادامت نفوسنا ممتلئة بالسيّد نفسه، في حالة شبع بل وفيض. إذ بهذا ندخل إلى شبه الحياة الملائكيّة فلا يكون للبطن السيادة علينا!
v الإنسان الأول إذ أطاع بطنه لا الله، طُرد من الفردوس إلى وادي الدموع.
القدّيس جيروم
v كما أن القيامة تقدّم لنا حياة تتساوى مع الملائكة، ومع الملائكة لا يوجد طعام، فإن هذا يكفي للاعتقاد بأن الإنسان الذي سيحيا على الطقس الملائكي يتبرّر من هذا العمل (العبوديّة للطعام والشراب).
القدّيس غريغوريوس النيسي
v تأكّد تمامًا أن العدوّ يهاجم القلب عن طريق امتلاء البطن.
الأب يوحنا من كرونستادت
لقد طلب إبليس منه أن يحوّل الحجارة خبزًا، لكن كما يقول القدّيس جيروم: [اعتزم المخلّص أن يقهر إبليس لا بالجبروت (تحويل الحجارة خبزًا)، وإنما بالتواضع.] لقد رفض أيضًا تحويل الحجارة خبزًا ليُعلن [أن من لا يتغذّى بكلمة الله لا يحيا.]
v كن سيدًا على معدتك قبل أن تسود هي عليك، الذي يرعى شرّهه ويأمل في التغلب على روح الفجور يشبه من يحاول أن يخمد النار بزيت.
القدّيس يوحنا كليماكوس
v عيسو خلال النهَم فقد بكوريته وصار قاتلاً لأخيه!
القدّيس يوحنا الذهبي الفم
سابعًا: التجربة الثانية، على جناح الهيكل
"ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدّسة،
وأوقفه على جناح الهيكل.
وقال له: إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل،
لأنه مكتوب أنه يوصي ملائكته بك،
فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك.
قال له يسوع: مكتوب أيضًا لا تُجرِّب الرب إلهك" [5-7].
يقدّم لنا الشيطان تجاربه بكلمات معسولة مملوءة سمًا، فإن كلماته "أنعم من الزيت وهي سيوف مسلولة". يستخدم كلمة الله بعد أن يحرّفها، فما جاء في المزمور: "لأنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك" (مز 91: 11-12) كعلامة عن رعاية الله لنا المستمرّة، استخدمها الشيطان لكي يدفع السيّد المسيح ليجرِّب أباه، أو لكي يفسد رسالته بعيدًا عن حمل الصليب، مهتمّا باستعراض إمكانيّاته، بطلب الملائكة لتحفظه عِوض الدخول في حياة الألم.
يقول القدّيس جيروم: [يفسّر الشيطان المكتوب تفسيرًا خاطئًا... كان يليق به أن يكمّل ذات المزمور الموجَّه ضدّه إذ يقول: "تطأ الأفعى وملك الحيّات وتسحق الأسد والتنين". فهو يتحدّث عن معونة الملائكة كمن يتحدّث إلى شخص ضعيف محتاج للعون ولكنه مخادع إذ لم يذكر أنه سيُداس بالأقدام.]
الأمر المرير هو أن الشيطان يدخل لمحاربة أولاد الله في المدينة المقدّسة على جناح الهيكل، وفي أعلى الأماكن المقدّسة؛ هكذا لا يتوقّف عن محاربتنا أينما وجدنا!
كانت كلمات إبليس "اطرح نفسك إلى أسفل"... وكما يقول القدّيس جيروم: [هذه هي كلمات إبليس دائمًا إذ يتمنى السقوط للجميع.]
اهتزّ القدّيس يوحنا الذهبي الفم أمام طول أناة السيّد المسيح حتى في تعامله مع إبليس أثناء التجربة، إذ يقول: [لم يسخط ولا ثار، إنّما برقّة زائدة تناقش معه للمرة الثانية من الكتاب المقدّس... معلّما إيّانا أننا نغلب الشيطان لا بعمل المعجزات، وإنما بالاحتمال وطول الأناة، فلا نفعل شيئًا بقصد المباهاة والمجد الباطل.]
ثامنًا: التجربة الثالثة، الطريق السهل
"ثم أخذه إبليس إلى جبل عالٍ جدًا،
وأراه جميع ممالك العالم ومجدها.
وقال له: أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي.
حينئذ قال له يسوع اذهب يا شيطان،
لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" [8-10].
دُعي إبليس بالكذاب وأبو الكذاب، فإنه لا يكف عن أن يخدع بكذبه. هذه هي طبيعته التي لا يقدر أن يتخلّى عنها. لقد ظنّ أنه قادر أن يخدع السيّد بقوله "أعطيك هذه جميعها" فلا حاجة إلى الصليب، إنّما يكفي أن تخر وتسجد لي. هذه أمر الضربات التي يصوّبها العدوّ للكثيرين، وهو فتح الطريق السهل السريع لتحقيق أهداف تبدو ناجحة وفعّالة. لكن السيّد لم ينخدع، لأنه يعرف حقيقة سلطان أبيه، وأن ما لأبيه إنّما هو له، فهو ليس في عوز. هكذا إذ يُدرك المؤمن غنى أبيه السماوي، وتنفتح بصيرته ليرى أنه وارث مع المسيح، لن يمكن للعدو أن يغويه بطريق أو آخر، مهما بدا سهلاً أو سريعًا أو محقّقًا لغنى أو كرامة زمنيّة.
يقول القدّيس جيروم: [أراه مجد العالم على قمّة جبل، هذا الذي يزول، أمّا المخلّص فنزل إلى الأماكن السفليّة ليهزم إبليس بالتواضع.] كما يقول: [يا لك من متعجرف متكبّر! فإن إبليس لا يملك العالم كلّه ليعطي ممالكه وإنما كما تعلم أن الله هو الذي يهب الملكوت لكثيرين!]
ويرى القدّيس أنبا أنطونيوس في كلمات السيد: "اذهب يا شيطان" مِنحة يقدّمها السيّد لمؤمنيه، يستطيعون كمن لهم سلطان أن ينطقوا بالمسيح الذي فيهم ذات الكلمات، إذ يقول: [ليخزى الشيطان بواسطتنا، لأن ما يقوله الرب إنّما هو لأجلنا، لكي إذ تسمع الشيّاطين منّا كلمات كهذه تهرب خلال الرب الذي انتهرها بهذه الكلمات.]
هذه التجارب الثلاث التي واجهها السيّد وغلب، إنّما هي ذات التجارب التي واجهت آدم وسقط فيها وهو في الفردوس، ألا وهي: النهم، والمجد الباطل، والطمع، فقد أغواه العدوّ بالأكل ليملأ بطنه ممّا لم يسمح به له، وأن يصير هو وزوجته كالله، وبالتالي أن يملك شجرة معرفة الخير والشر. ما سقط فيه آدم الأول غلب فيه آدم الثاني، حتى كما صار لنا الهلاك الأبدي خلال آدم الترابي، يصير لنا المجد الأبدي خلال آدم الأخير.
يرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن هذه التجارب الثلاث تحوي في طيّاتها كل بقيّة التجارب: [يبدو لي أنه بالإشارة إلى التجارب الرئيسيّة يتحدّث عن جميع التجارب كما لو كانت محواة فيها. لأن قادة الشرّير غير المحصيّة هي هذه: عبوديّة البطن، والعمل من أجل المجد الباطل، والخضوع لجنون الغنى.]
ختم الإنجيلي حديثه عن التجارب بقوله: "ثم تركه إبليس، وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه" [11]. يقول لوقا الإنجيلي أن إبليس "فارقه إلى حين" (لو 4: 13). فالحرب لا تهدأ قط، لكن مع كل نُصرة تفرح الملائكة، فتتقدّم إلينا لتحمل هذه النصرة كإكليل مجد ترفعه إلى السماء لحسابنا الأبدي. إنها تخدمنا هنا ـ لا خدمة الجسد ـ وإنما خدمة الروح، فتعتزّ بنا بكونهم حراسًا لنا.
وكما يقول القدّيس جيروم: [التجربة تسبق لكي تتبعها نصرة، وتأتي الملائكة فتخدم لتثبت كرامة المنتصر.]
يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [بعد انتصاراتك النابعة عن انتصاراته تستقبلك الملائكة أيضًا وتمدحك وتخدمك كحرّاس لك في كل شيء.]
ويتحدّث الأب سيرينوس عن عدم توقّف حرب الشيّاطين ضدّنا، قائلاً: [تسقط الأرواح (الشرّيرة) في الحزن، إذ تهلك بواسطتنا بنفس الهلاك الذي يرغبونه لنا، ولكن هزيمتهم لا تعني أنهم يتركوننا بلا رجعة.]
2. انصرافه إلى الجليل
انصرف السيّد المسيح إلى الجليل. لقد ترك الناصرة وأتى وسكن في كفرناحوم، التي عند البحر في تخوم زبولون ونفتاليم: "لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي القائل. أرض زبولون وأرض نفتاليم، طريق البحر عبر الأردن، جليل الأمم. الشعب الجالس في ظلمة أبصر نورًا عظيمًا، والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور" [14-16].
منطقة "الجليل" عبارة عن دائرة تضم عشرين مدينة أهداها سليمان إلى حيرام ملك صور، وكان اليهود فيها قليلي العدد، أكثر سكانها من الفينيقيّين واليونان والعرب، ولهذا سُمّيت "جليل الأمم". كان حال سكان هذه المنطقة قد بلغ أردأ ما يكون، فجاء السيّد المسيح، معلّم البشريّة وشمس البرّ ليضيء على الجالسين في الظلمة (إش 9: 1-2).
أما منطقة كفرناحوم التي تعني "المعزّي" فتعتبر من أهم مناطق الجليل، وهي قلعة رومانيّة بها حامية من قواد الرومان.
3. دعوة التلاميذ
عند بحر الجليل دعا السيّد الأخوين سمعان بطرس وأندراوس، وأيضًا الأخوين يعقوب ابن زبدي ويوحنا.
بحر الجليل هو بحيرة عذبة يبلغ طولها 13 ميلاً، يحدّها الجليل غربًا ويصب فيها نهر الأردن من الشمال. ويُسمّى بحيرة جنيسارت وبحر طبرية، وهو يستمد أسماءه من البلاد التي يتصل بها من جهات متعدّدة.
من منطقة الجليل حيث الظلام الدامس، وحيث المكان المُزدرى به، دعا السيّد أربعة من تلاميذه، كانوا صيادي سمك، وكما يقول الرسول بولس: "يختار جهّال العالم ليخزى الحكماء" (1 كو 1: 27). يقول العلاّمة أوريجينوس: [يبدو لي أنه لو كان يسوع قد اختار بعضًا ممن هم حكماء في أعين الجموع، ذوي قدرة على الفكر والتكلم بما يتّفق مع الجماهير، واستخدمهم كوسائل لنشر تعليمه، لشك البعض كثيرًا في أنه استخدم طرقًا مماثلة لطرق الفلاسفة الذين هم قادة لشيعة معيّنة، ولما ظهر تعليمه إلهيًا.]
ويقول القدّيس جيروم: [كان أول المدعوّين لتبعيّة المخلّص صيّادين أميّين أرسلهم للكرازة حتى لا يقدر أحد أن ينسب تحوّل المؤمنين، إلى الفصاحة والعلم بل إلى عمل الله.]
4. الكرازة والعمل
إذ دعا السيّد المسيح تلاميذه للعمل في ملكوته أراد توضيح رسالته أنه لم يأتِ لملكوت أرضي وخلاص من نير الرومان السياسي كما ظنّ اليهود، وإنما لتحرير القلب من سلطان الخطيّة ليملك هو عليه.
بدأت الحرب مع بدء الصوم الأربعيني كقول الإنجيلي لوقا: "كان يُقتاد بالروح في البرّيّة أربعين يومًا يُجَرَّب من إبليس" (لو 4: 1-2). وقد اشتدّت عندما جاع، فكان الجوع بمثابة استدراج الشيطان لمنازلته، وفي نفس الوقت كان الصوم هو السلاح الذي يقدّمه السيّد لمؤمنيه لكي يتذرّعوا به أثناء الحرب الروحيّة ممتزجًا بالصلاة. لم يكن السيّد محتاجًا للصوم، إذ لم يكن يوجد فيه موضع للخطيّة، إنّما صام ليقدّس أصوامنا بصومه، مشجعًا إيّانا عليه كالأم التي تتذوّق الدواء أمام طفلها المريض حتى يشرب منه.
v في جوعه (المسيح) اقترب إليه؛ ليعلّمك ما هي عظمة الصوم، وكيف أنه أقوى درع ضدّ الشيطان. لهذا يلزم بعد الجرن (جرن المعموديّة) أن يصعدوا لا إلى حياة الترف والشرب والمائدة الممتلئة، بل إلى الصوم. لقد صام لا عن احتياج وإنما لتعليمنا... فإنه بدون ضبط البطن طُرد آدم من الفردوس، وحدث الطوفان في أيام نوح وحلّت الرعود بسدوم. فمع ارتكابهم الزنا جاء التحذير يخصّ ضبط البطن. هذا ما عناه حزقيال بقوله: "هذا كان إثم سدوم الكبرياء والشبع من الخبز ووفرة الترف" (حز 16: 49). هكذا تعمق اليهود أيضًا في الشرّ العظيم بانسحابهم إلى المعصية خلال شربهم وترفهم (إش 5: 11ـ12).
القدّيس يوحنا الذهبي الفم
v عندما يوجد صراع متزايد من المجرّب يلزمنا أن نصوم، حتى يقوم الجسد بالواجب المسيحي في حربه ضدّ (شهوات) العالم، بالتوبة وحث النفس على النصرة في تواضع!
القدّيس أغسطينوس
ويقول الآب هيلاري أسقف بواتييه: [جاع بعد أربعين يومًا... لا بمعنى أنه هُزم من أثر الزهد، وإنما خضوعًا لقانون ناسوته.]
لقد صام السيّد أربعين يومًا، والكنيسة أيضًا تقدّس هذا الصوم الأربعينيّ بكونه قد تقدّس بالسيّد نفسه، وتُقدّم موضوع "التجربة" في بداية قراءات الصوم لتُعلن لأولادها أنه حيث يوجد جهاد تقوم الحرب، وحيث توجد الحرب يلزم الجهاد الروحي بالصوم والصلاة.
لماذا جاع السيّد في نهاية الأربعين يومًا؟ تأكيدًا لناسوته، فلو أنه صام أكثر من موسى (خر 24: 18) وإيليّا (1 مل 19: لحسبوه خيالاً، لا يحمل جسدًا حقيقيًا مثلنا. وقد جاع لكي يعطي الفرصة لتجديد الحرب مع الشيطان، إذ يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [يئس إبليس عندما رأى المسيح صائمًا أربعين يومًا، لكنّه إذ رآه جائعًا بدأ الأمل يدب فيه من جديد، وعندئذ تقدّم إليه المجرّب.]
أما رقم 40 فيحمل معنى رمزيًا، فيرى القدّيس أغسطينوس أن رقم 40 يحوى رقم "عشرة" أربع مرّات، ولما كان رقم 10 يُشير إلى كمال تطويبنا أو إلى المعرفة و"أربعة" تُشير إلى الزمن، فإن رقم 40 يُشير إلى كمال زماننا في حياة مطوّبة أو في حياة مملوءة معرفة.
رقم 4 يُشير إلى الزمن لأن دوران السنة يحوي أربعة فصول زمنيّة (صيف وشتاء وخريف وربيع)، ودوران اليوم يحوي أربع فترات زمنيّة (باكر والظهيرة وعشية والليل).
رقم 10 يُشير إلى كمال المعرفة والتطويب لأنه يضم معرفة الخالق (3) أي الثالوث القدّوس بجانب خلقه الإنسان (رقم 7= النفس على مثال الثالوث + الجسد من العالم: أربعة أركان العالم).
10 (كمال المعرفة) = 3 (معرفة الله) + 7 (معرفة الإنسان الكاملة).
هذا وصوم السيّد المسيح أربعين يومًا يُشير إلى التزامنا بالزهد كل أيام غربتنا، لكي نحيا في حياة مطوّبة كاملة، وتكون لنا معرفة صادقة من نحو الله وخليقته.
ويقدّم لنا الآب غريغوريوس (الكبير) تفسيرًا آخر لرقم 40، إذ يقول: [هذا الجسد المائت يتكوّن من أربعة عناصر، ولما كنّا خلال هذا الجسد عينه نخضع لوصايا الله ووصايا الناموس التي أعطيت لنا خلال الوصايا العشرة، فإنّنا خلال شهوات الجسد احتقرنا الوصايا العشرة، فمن العدل أن نؤدب ذات الجسد أربع مرّات عشر مرّات.]
سادسًا: التجربة الأولى أي تجربة الخبز
"فتقدّم إليه المجرِّب وقال له:
إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزًا.
فأجاب وقال: مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان،
بل بكل كلمة تخرج من فم الله" [3-4].
لعلّ الشيطان قد صار في حيرة إذ رأى ذاك الذي قال عنه الآب السماوي: "هذا هو ابني الحبيب" أثناء العماد، يجوع! فتشكّك في أمره، لهذا في كل تجربة كان يودّ أن يتأكّد من بنوّته لله، قائلاً: "إن كنت ابن الله" وكما يقول القدّيس جيروم: [يقصد إبليس بكل هذه التجارب أن يعرف إن كان هو بحق ابن الله، ولكن المخلّص كان مدققًا في إجابته، تاركًا إيّاه في شك.] ولعلّه أراد أن يستخدم ذات السلاح الذي يهاجم به البشريّة، سلاح التشكيك في أُبوّة الله لنا ورعايته وعنايته بنا... أمّا سلاح السيّد المضاد فهو كلمة الله. إذ كان في كل تجربة يستند على الكلمة الإلهيّة المكتوبة بقوله: "مكتوب..."، وهو بهذا يحملنا إليه ككلمة الله المتجسّد لنختفي فيه، ونتمسّك بالكلمة المكتوبة التي بها ندين الشيطان نفسه، كقول الرسول: "ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة؟" (1 كو 6: 3)
كانت التجربة الأولى هي تجربة الخبز، أو تجربة البطن، لكن النفس الشبعانة تدوس العسل، فلا يستطيع العدوّ أن يجد له في داخلنا موضعًا مادامت نفوسنا ممتلئة بالسيّد نفسه، في حالة شبع بل وفيض. إذ بهذا ندخل إلى شبه الحياة الملائكيّة فلا يكون للبطن السيادة علينا!
v الإنسان الأول إذ أطاع بطنه لا الله، طُرد من الفردوس إلى وادي الدموع.
القدّيس جيروم
v كما أن القيامة تقدّم لنا حياة تتساوى مع الملائكة، ومع الملائكة لا يوجد طعام، فإن هذا يكفي للاعتقاد بأن الإنسان الذي سيحيا على الطقس الملائكي يتبرّر من هذا العمل (العبوديّة للطعام والشراب).
القدّيس غريغوريوس النيسي
v تأكّد تمامًا أن العدوّ يهاجم القلب عن طريق امتلاء البطن.
الأب يوحنا من كرونستادت
لقد طلب إبليس منه أن يحوّل الحجارة خبزًا، لكن كما يقول القدّيس جيروم: [اعتزم المخلّص أن يقهر إبليس لا بالجبروت (تحويل الحجارة خبزًا)، وإنما بالتواضع.] لقد رفض أيضًا تحويل الحجارة خبزًا ليُعلن [أن من لا يتغذّى بكلمة الله لا يحيا.]
v كن سيدًا على معدتك قبل أن تسود هي عليك، الذي يرعى شرّهه ويأمل في التغلب على روح الفجور يشبه من يحاول أن يخمد النار بزيت.
القدّيس يوحنا كليماكوس
v عيسو خلال النهَم فقد بكوريته وصار قاتلاً لأخيه!
القدّيس يوحنا الذهبي الفم
سابعًا: التجربة الثانية، على جناح الهيكل
"ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدّسة،
وأوقفه على جناح الهيكل.
وقال له: إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل،
لأنه مكتوب أنه يوصي ملائكته بك،
فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك.
قال له يسوع: مكتوب أيضًا لا تُجرِّب الرب إلهك" [5-7].
يقدّم لنا الشيطان تجاربه بكلمات معسولة مملوءة سمًا، فإن كلماته "أنعم من الزيت وهي سيوف مسلولة". يستخدم كلمة الله بعد أن يحرّفها، فما جاء في المزمور: "لأنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك" (مز 91: 11-12) كعلامة عن رعاية الله لنا المستمرّة، استخدمها الشيطان لكي يدفع السيّد المسيح ليجرِّب أباه، أو لكي يفسد رسالته بعيدًا عن حمل الصليب، مهتمّا باستعراض إمكانيّاته، بطلب الملائكة لتحفظه عِوض الدخول في حياة الألم.
يقول القدّيس جيروم: [يفسّر الشيطان المكتوب تفسيرًا خاطئًا... كان يليق به أن يكمّل ذات المزمور الموجَّه ضدّه إذ يقول: "تطأ الأفعى وملك الحيّات وتسحق الأسد والتنين". فهو يتحدّث عن معونة الملائكة كمن يتحدّث إلى شخص ضعيف محتاج للعون ولكنه مخادع إذ لم يذكر أنه سيُداس بالأقدام.]
الأمر المرير هو أن الشيطان يدخل لمحاربة أولاد الله في المدينة المقدّسة على جناح الهيكل، وفي أعلى الأماكن المقدّسة؛ هكذا لا يتوقّف عن محاربتنا أينما وجدنا!
كانت كلمات إبليس "اطرح نفسك إلى أسفل"... وكما يقول القدّيس جيروم: [هذه هي كلمات إبليس دائمًا إذ يتمنى السقوط للجميع.]
اهتزّ القدّيس يوحنا الذهبي الفم أمام طول أناة السيّد المسيح حتى في تعامله مع إبليس أثناء التجربة، إذ يقول: [لم يسخط ولا ثار، إنّما برقّة زائدة تناقش معه للمرة الثانية من الكتاب المقدّس... معلّما إيّانا أننا نغلب الشيطان لا بعمل المعجزات، وإنما بالاحتمال وطول الأناة، فلا نفعل شيئًا بقصد المباهاة والمجد الباطل.]
ثامنًا: التجربة الثالثة، الطريق السهل
"ثم أخذه إبليس إلى جبل عالٍ جدًا،
وأراه جميع ممالك العالم ومجدها.
وقال له: أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي.
حينئذ قال له يسوع اذهب يا شيطان،
لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" [8-10].
دُعي إبليس بالكذاب وأبو الكذاب، فإنه لا يكف عن أن يخدع بكذبه. هذه هي طبيعته التي لا يقدر أن يتخلّى عنها. لقد ظنّ أنه قادر أن يخدع السيّد بقوله "أعطيك هذه جميعها" فلا حاجة إلى الصليب، إنّما يكفي أن تخر وتسجد لي. هذه أمر الضربات التي يصوّبها العدوّ للكثيرين، وهو فتح الطريق السهل السريع لتحقيق أهداف تبدو ناجحة وفعّالة. لكن السيّد لم ينخدع، لأنه يعرف حقيقة سلطان أبيه، وأن ما لأبيه إنّما هو له، فهو ليس في عوز. هكذا إذ يُدرك المؤمن غنى أبيه السماوي، وتنفتح بصيرته ليرى أنه وارث مع المسيح، لن يمكن للعدو أن يغويه بطريق أو آخر، مهما بدا سهلاً أو سريعًا أو محقّقًا لغنى أو كرامة زمنيّة.
يقول القدّيس جيروم: [أراه مجد العالم على قمّة جبل، هذا الذي يزول، أمّا المخلّص فنزل إلى الأماكن السفليّة ليهزم إبليس بالتواضع.] كما يقول: [يا لك من متعجرف متكبّر! فإن إبليس لا يملك العالم كلّه ليعطي ممالكه وإنما كما تعلم أن الله هو الذي يهب الملكوت لكثيرين!]
ويرى القدّيس أنبا أنطونيوس في كلمات السيد: "اذهب يا شيطان" مِنحة يقدّمها السيّد لمؤمنيه، يستطيعون كمن لهم سلطان أن ينطقوا بالمسيح الذي فيهم ذات الكلمات، إذ يقول: [ليخزى الشيطان بواسطتنا، لأن ما يقوله الرب إنّما هو لأجلنا، لكي إذ تسمع الشيّاطين منّا كلمات كهذه تهرب خلال الرب الذي انتهرها بهذه الكلمات.]
هذه التجارب الثلاث التي واجهها السيّد وغلب، إنّما هي ذات التجارب التي واجهت آدم وسقط فيها وهو في الفردوس، ألا وهي: النهم، والمجد الباطل، والطمع، فقد أغواه العدوّ بالأكل ليملأ بطنه ممّا لم يسمح به له، وأن يصير هو وزوجته كالله، وبالتالي أن يملك شجرة معرفة الخير والشر. ما سقط فيه آدم الأول غلب فيه آدم الثاني، حتى كما صار لنا الهلاك الأبدي خلال آدم الترابي، يصير لنا المجد الأبدي خلال آدم الأخير.
يرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن هذه التجارب الثلاث تحوي في طيّاتها كل بقيّة التجارب: [يبدو لي أنه بالإشارة إلى التجارب الرئيسيّة يتحدّث عن جميع التجارب كما لو كانت محواة فيها. لأن قادة الشرّير غير المحصيّة هي هذه: عبوديّة البطن، والعمل من أجل المجد الباطل، والخضوع لجنون الغنى.]
ختم الإنجيلي حديثه عن التجارب بقوله: "ثم تركه إبليس، وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه" [11]. يقول لوقا الإنجيلي أن إبليس "فارقه إلى حين" (لو 4: 13). فالحرب لا تهدأ قط، لكن مع كل نُصرة تفرح الملائكة، فتتقدّم إلينا لتحمل هذه النصرة كإكليل مجد ترفعه إلى السماء لحسابنا الأبدي. إنها تخدمنا هنا ـ لا خدمة الجسد ـ وإنما خدمة الروح، فتعتزّ بنا بكونهم حراسًا لنا.
وكما يقول القدّيس جيروم: [التجربة تسبق لكي تتبعها نصرة، وتأتي الملائكة فتخدم لتثبت كرامة المنتصر.]
يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [بعد انتصاراتك النابعة عن انتصاراته تستقبلك الملائكة أيضًا وتمدحك وتخدمك كحرّاس لك في كل شيء.]
ويتحدّث الأب سيرينوس عن عدم توقّف حرب الشيّاطين ضدّنا، قائلاً: [تسقط الأرواح (الشرّيرة) في الحزن، إذ تهلك بواسطتنا بنفس الهلاك الذي يرغبونه لنا، ولكن هزيمتهم لا تعني أنهم يتركوننا بلا رجعة.]
2. انصرافه إلى الجليل
انصرف السيّد المسيح إلى الجليل. لقد ترك الناصرة وأتى وسكن في كفرناحوم، التي عند البحر في تخوم زبولون ونفتاليم: "لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي القائل. أرض زبولون وأرض نفتاليم، طريق البحر عبر الأردن، جليل الأمم. الشعب الجالس في ظلمة أبصر نورًا عظيمًا، والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور" [14-16].
منطقة "الجليل" عبارة عن دائرة تضم عشرين مدينة أهداها سليمان إلى حيرام ملك صور، وكان اليهود فيها قليلي العدد، أكثر سكانها من الفينيقيّين واليونان والعرب، ولهذا سُمّيت "جليل الأمم". كان حال سكان هذه المنطقة قد بلغ أردأ ما يكون، فجاء السيّد المسيح، معلّم البشريّة وشمس البرّ ليضيء على الجالسين في الظلمة (إش 9: 1-2).
أما منطقة كفرناحوم التي تعني "المعزّي" فتعتبر من أهم مناطق الجليل، وهي قلعة رومانيّة بها حامية من قواد الرومان.
3. دعوة التلاميذ
عند بحر الجليل دعا السيّد الأخوين سمعان بطرس وأندراوس، وأيضًا الأخوين يعقوب ابن زبدي ويوحنا.
بحر الجليل هو بحيرة عذبة يبلغ طولها 13 ميلاً، يحدّها الجليل غربًا ويصب فيها نهر الأردن من الشمال. ويُسمّى بحيرة جنيسارت وبحر طبرية، وهو يستمد أسماءه من البلاد التي يتصل بها من جهات متعدّدة.
من منطقة الجليل حيث الظلام الدامس، وحيث المكان المُزدرى به، دعا السيّد أربعة من تلاميذه، كانوا صيادي سمك، وكما يقول الرسول بولس: "يختار جهّال العالم ليخزى الحكماء" (1 كو 1: 27). يقول العلاّمة أوريجينوس: [يبدو لي أنه لو كان يسوع قد اختار بعضًا ممن هم حكماء في أعين الجموع، ذوي قدرة على الفكر والتكلم بما يتّفق مع الجماهير، واستخدمهم كوسائل لنشر تعليمه، لشك البعض كثيرًا في أنه استخدم طرقًا مماثلة لطرق الفلاسفة الذين هم قادة لشيعة معيّنة، ولما ظهر تعليمه إلهيًا.]
ويقول القدّيس جيروم: [كان أول المدعوّين لتبعيّة المخلّص صيّادين أميّين أرسلهم للكرازة حتى لا يقدر أحد أن ينسب تحوّل المؤمنين، إلى الفصاحة والعلم بل إلى عمل الله.]
4. الكرازة والعمل
إذ دعا السيّد المسيح تلاميذه للعمل في ملكوته أراد توضيح رسالته أنه لم يأتِ لملكوت أرضي وخلاص من نير الرومان السياسي كما ظنّ اليهود، وإنما لتحرير القلب من سلطان الخطيّة ليملك هو عليه.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى